إِلى مِثْلِهَا يَرْنُو الحَلِيْمُ صَبَابَةً

إِذَا ما اسْبَكَرَّتْ بَيْنَ دِرْعٍ ومِجْوَلِ

تسلت عمايات الرجالِ عن الصّبا

وليسَ صِبايَ عن هواها بمنسل

ألا رُبّ خَصْمٍ فيكِ ألْوَى رَدَدتُه

نصيح على تعذَاله غير مؤتل

وليل كموج البحر أرخى سدولهُ

عليَّ بأنواع الهموم ليبتلي

فَقُلْتُ لَهُ لما تَمَطّى بجوزه

وأردف أعجازا وناء بكلكل

ألا أيّها اللّيلُ الطّويلُ ألا انْجَلي

بصُبْحٍ وما الإصْباحَ فيك بأمثَلِ

فيا لكَ من ليلْ كأنَّ نجومهُ

بكل مغار الفتل شدت بيذبل

كأنَّ الثريا علقت في مصامها

بأمْراسِ كتّانٍ إلى صُمّ جَندَلِ

وَقَدْ أغْتَدي وَالطّيرُ في وُكنُاتُها

بمنجردٍ قيدِ الأوابدِ هيكلِ

مِكَرٍّ مفرٍّ مُقْبِلٍ مُدْبِرٍ معًا

كجلمودِ صخْر حطه السيل من علِ

شرح البيت الواحد والاربعون :

إلى مثلها يرنو الحليم صبابة  ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​​​ إذا ما اسبكرت بين درع ومحول​​ 

(اسبكرت : طالت وامتدت ، الدرع : قميص المرأة ، المجول : ثوب تلبسه الجارية الصغيرة ، والمعنى : إلى مثلها ينبغي أن ينظر العاقل حنينا إليها إذا طال قدها بين اللواتي أدركن الحلم واللواتي لم يدركن الحلم ، يريد أنها طويلة القامة وهي لم تدرك الحلم بعد ) .​​ 

شرح البيت الثاني والاربعون :​​ 

تسلت عمايات الرجال عن الصبا  ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​​​ وليس فؤادي عن هوال بمنسل​​ 

قوله : وليس فؤادي الخ … روى : عن هواها ​​ ، وروي : عن هواه ، والضمير للفؤاد ، وروي :وليس صباي عن هواها وهي رواية الأصمعي​​ .

سلا فلان حبيبه يسلو سلوا ، وانسلى : انسلاء : أي زال حبه من قلبه أو زال حزنه ، العماية والعمى واحد ، والفعل عمى يعمي . زعم أكثر الأئمة أن فى البيت قلبا تقديره : تسلت الرجالات عن عمايات الصبا أي خرجوا من ظلماته وليس فؤادي بخارج من هواها .​​ 

وتلخيص المعنى : أنه زعم أن عشق العشاق قد بطل وزال وعشقه إياها باق ثابت لايزول ولا يبطل .​​ 

شرح البيت الثالث والأربعون :​​ 

ألا رب خصم فيك ألوي رددته  ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​​​ نصيح على تعذاله غير مؤتل​​ 

الخصم : لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث في لغة شطر من العرب ، ومنه قوله تعالى : (هل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب ) ، ويثنى ويجمع في لغة الشطر الآخرين من العرب ويجمع على الخصام والخصوم الألوى الشديد الخصومة كأنه يلوي خصمه عن دعواه . النصيح : الناصح : التعذال والعذل : اللوم ، والفعل عذل يعذل ​​ ، الألو والأئتلاء :التقصير ، والفعل ألا ، يألو ​​ وائتلى يأتلى​​ .

يقول : ألا رب خصم شديد الخصومة كان ينصحني على فرط لومه إياى على هواك غير مقصر فى النصيحة واللوم رددته ولم أنزجر عن هواك بعذله ونصحه ، وتحرير المعنى : أنه يخبرها ببلوغ حبه إياها الغاية القصوى حتى أنه لا يرتدع عنه بردع ناصح ولا ينجح فيه لوم لائم ، وتقدير لفظ البيت : ألا رب خصم ألوي نصيح على تعذاله غير مؤتل .​​ 

شرح البيت الرابع والأربعون :

وليل كموج البحر أرخى سدوله  ​​ ​​ ​​ ​​ ​​​​ على بأنواع الهموم ليبتلى​​ 

( السدول : الستور ، والمعنى : ورب ليل يشبه أمواج البحر فى توحشه أرخى على ستور ظلامه مع أنواع الأحزان والهموم ليختبرني أأصبر على الشدائد أم أجزع ) .

شبه ظلام الليل فى هوله وصعوبته انكارة أمره بأمواج البحر ، والإرخاء : إرسال السدل وغيره ، الابتلاء : الاختبار . الهموم : جمع الهم ، بمعنى الحزن وبمعنى الهمه ، الباء فى قوله بأنواع الهموم بمعنى مع ، يقول : ورب ليل يحاكي أمواج البحر في توحشه ونكارة أمره وقدأرخى على ستور ظلامه مع انواع الأحزان ، أو مع فنون الهم ، ليختبرني أأصبر على ضروب الشدائد وفنون النوائب أم أجزع منها وقد أمعن الشاعر فى النسيب من اول القصيدة إلى هنا حيث انتقل منه إلى التمدح بالصبر والجلد .​​ 

شرح البيت الخامس والأربعون :​​ 

فقلت له لما تمطى بصلبه  ​​ ​​ ​​ ​​ ​​​​ وأردف أعجازا وناء بكلكل​​ 

تمطي أي : تمدد ، ويجوز أن يكون التمطى مأخوذا من المطا ، وهو الظهر ، فيكون التمطي من الظهر ، ويجوز أن يكون منقولا من التمطط فقلبت إحدى الطاءين ياء كما قالوا : تظنى تظنيا والأصل تظن تظننا .​​ 

الإرداف : الإتباع والإتباع وهو بمعنى الأول ههنا : الاعجاز : المآخير ، الواحد عجز وعجز وعجز ​​ . ناء مقلوب نأى وشاء بمعنى بعد كما قالوا : راء بمعنى رأى وشاء بمعنى شأى ، الكلكل : الصدر والجمع كلاكل . الباء فى قوله ناء بكلكل : للتعدية ، وكذلك هى في قوله : تمطى بصلبه ، استعار لليل صلبا واستعار لطوله لفظ التمطى ليلائم الصلب واستعار لأوائله لفظ الكلكل ولماخيره لفظ الاعجاز .​​ 

تلخيص المعنى : قلت لليل لما أفرط طوله وناءت أوائله وازدادت اواخره تطاولا وطول الليل ينبئ عن مقاساه الأحزان والشدائد والسهر المتولد منها ، لأن المهموم يسطيل ليله ، والمسرور يستقصر ليله .​​ 

​​ شرح البيت السادس والاربعون :​​ 

ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي  ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​​​ بصبح وما الإصباح منك بأمثل​​ 

الانجلاء : الانكشاف ، يقال جلوته فانجلى أي كشفته فانكشف ، الأمثل : الأفضل والمثلى الفضلى ، والأماثل الافاضل . يقول : قلت له ألا أيها الليل الطويل انكشف وتنح بصبح ، اي ليزل ظلامك بضياء من الصبح ، ثم قال : وليس الصبح بأفضل منك عندى لأني أقاسي الهموم نهارا كما أعانيها ليلا ،أو لأن نهاري أظلم في عينى لإزدحام الهموم على حتى حكى الليل ، وهذا إذا رويت وما الإصباح منك بأمثل ، وإن رويت (فيك بأفضل ) كان المعني : وما الإصباح في جنبك أو في الإضافة اليك أفضل منك ، لما ذكرنا من المعنى لما ضجر بتطاول ليله خاطبه وسأله الانكشاف وخطابه مالايعقل يدل على فرط الوله وشدة التحير وإنما يستحسن هذا الضرب في النسيب والمرائي وما يوجب حزنا وكآبة ووجدا وصبابة .​​ 

شرح البيت السابع والاربعون :  ​​​​ 

فيالك من ليل كأن نجومه  ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​​​ بكل مغار الفتل شدت بيذبل​​ 

( ​​ المغار: الحبل الشديد الفتل ، يذبل : اسم جبل ، والمعنى : فيالك من ليل كأن نجومه شدت بجبال مفتولة جيدا إلي جبل يذبل كناية علي طول الليل وأن نجومه لا تزول )​​ 

شرح البيت الثامن والاربعون :​​ 

كأن الثريا علقت في مصامها  ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​​​ بأمراس كنان إلى صم جندل​​ 

( الثريا : نجم في السماء، مصامها : مواضعها ، الأمراس : الحبال ، الصم : جمع أصم وهو الصلب ، الجندل : الصخر ، والمعنى : كأن الثريا ثبتت في موضعها بحبال من الكتان مشدودة إلي صخور صلاب ) .​​ 

شرح البيت التاسع والاربعون :​​ 

وقربة أقوام جعلت عصامها  ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​​​ على كاهل مني ذلول مرحل​​ 

قوله :وقربة أقوام ​​ إلخ …..هذا البيت والثلاثة التي بعده رواها الأصمعي وأبو حنيفة الدينوري وابن قتيبة وخالفهم السكري فزعم انها لأمرئ القيس وأدرجها في معلقته ​​ واغتر بذلك بعض الرواه فمنهم الخطيب التبريزى ومحمد بن الخطاب في جمهرته ، وهى أشبه بشعر اللص والصعلوك لا بكلام الملوك .​​ 

شرح البيت الخمسون :​​ 

وواد كجوف الغير قفر قطعته  ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​​​ به الذئبيعوي كالخليع المعيل​​ 

( العير الحمار ، القفر : المكان الخالي ، الخليع : الإنسان الذيخلعه اهله لخبثه ، المعيل : الكثير العيال ، والمعني : ورب واد يشبه بطن الحمار في الخلاء ، قطعته سيرا ، وكان الذئب يعوي فيه من جوعه كاامقامر الكثير العيال وهم يطالبونه بالنفقة وهو يصيح بهم إذ لا يجد مايسكنهم به) .​​ 

 

 

 

 

 

 

 

 

 ​​​​ 

 

 

 

 

 

 

 

 ​​​​ ​​ ​​