شرح الجزء الثاني من معلقة امرؤ القيس

وَيَوْمَ عَقَرْتُ لِلْعَذَارَى مَطِيَّتِيْ

فَيَا عَجَبًا مِنْ رَحْلِهَا المُتَحَمَّلِ

يَظَلُّ العَذَارَى يَرْتَمِيْنَ بِلَحْمِهَا

وَشَحْمٍ كَهُدَّابِ الدِّمَقْسِ المُفَتَّلِ

وَيَوْمَ دَخَلْتُ الخِدْرَ خِدْرَ عُنَيْزَةٍ

فَقَالَتْ لَكَ الوَيْلاتُ إِنَّكَ مُرْجِلِي

تَقُولُ وَقَدْ مَالَ الغَبِيْطُ بِنَا مَعًا

عَقَرْتَ بَعِيْرِيْ يَا امْرَأَ القَيْسِ فَانْزِلِ

فَقُلْتُ لَهَا سِيْرِيْ وَأَرْخِي زِمَامَهُ

وَلا تُبْعِدِيني مِنْ جَنَاكِ المُعَلِّلِ

فَمِثْلِكِ حُبْلَى قَدْ طَرَقْتُ ومُرْضِعًا

فَأَلْهَيْتُهَا عَنْ ذِيْ تَمَائِمَ مُغْيَلِ

إذا ما بَكَى مِنْ خَلْفِهَا انْحَرَفَتْ لَهُ

بِشِقٍّ وَشِقٌّ عِنْدَنَا لم يُحَوَّلِ

فَسُلِّيْ ثِيَابِيْ مِنْ ثِيَابِكِ تَنْسُلِ

فَسُلِّيْ ثِيَابِيْ مِنْ ثِيَابِكِ تَنْسُلِ

عَلَيَّ وَآلَتْ حَلْفَةً لم تَحَلَّلِ

أَفَاطِمُ مَهْلاً بَعْضَ هذا التَّدَلُّلِ

وَإِنْ كُنْتِ قَدْ أَزْمَعْتِ صَرْمِيْ فَأَجْمِلِي

وَإنْ كنتِ قَدْ سَاءَتْكِ مِنِّيْ خَليْقَةٌفَسُلِّيْ ثِيَابِيْ مِنْ ثِيَابِكِ تَنْسُلِ

شرح البيت العاشر والحادي عشر

عقرت أى :نحرت ،العذارى ​​ :جمع عذراء وهي الفتاة البكر ،مطيتي : أى ​​ ناقتي |رحلها : أى محملها​​ 

المتحمل : أى المحمول .يرتمين ​​ : أي يتناول بعضهم بعضا اللحم والشحم ​​ 

الهداب : جمع هُدْب وهو طرف الثوب الذى لم يتم نسجه بعد ​​ ،الدمقس : هو الحرير الأبيض ​​ ، المفتل : أي ​​ المفتول ​​ .

يتذكر يوما آخرصالح له منهن وهو يوم نحره لناقته ليطعم العذارى منها ، ثم يتعجب من رجل ناقته وأظنه يقصد جمال رحله وحجمه الكبير فامرؤ القيس ابن ملوك فلا شك أن رحله كبير ومزين فهو ينظر إلي رحاله وقد تقاسمت الفتيات فيتعجب من جماله وحجمه .​​ 

يقول : يظل العذارى يناولن بعضهم بعضا لحم ناقته وشحمها الذى يبدو وكأنه حرير مفتل وهذا تصوير رائع وهنا إشارة ​​ إلي معني مهم نستنتجه من الأبيات وهو أن امرؤ القيس يسعد بالتفضل وبالكرم فهو يرى يوم عقره للناقة يوم صالح جميل وذلك لأنه تفضل علي العذارى به .

شرح البيت الاثني عشر :​​ 

ويوم دخلت الخدر عنيزة  ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​​​ فقالت لك الويلات إنك مرجلي​​ 

الخدر : الهودج ، والجمع الخدور ، ويستعار للستر ​​ ، ومنه قولهم : خدرت الجارية وجارية مخداة ​​ أي مقصورة في خدرها لا تبرز منه ، ومن قولهم : خدر الأسد يخدر خدرا وأخدر ​​ إخدارا إذا لزم عرينه ، ومنه قول ليلي الأخيلية​​ 

فتي كان ​​ أحيا من فتاة حبيبة  ​​ ​​ ​​ ​​ ​​​​ وأشجع من ليث بخفان خادر​​ 

وقول الشاعر : كالأسد الورد غدا من مخدرة​​ 

والمراد بالخدر في البيت الهودج ، وعنيزة : إسم عشيقته وهي ​​ ابنة عمه ، وقيل هو لقب لها واسمها فاطمه ، وقيل اسمها عنيزة ، وفاطمه وغيرها ، الويلات : جمعويلة ، والويلة والويل : شدة العذاب ،وزعم بعضهم أنه دعاء منها له في معرض ​​ الدعاء عليه ، ويقال ​​ : رجل الرجل يرجل رجلا ​​ فهو راجل ، وأرجلته أنا أي صيرته راجلا ، خدر عنيزة بدل من الخدر الأول ، والمعني : ويوم دخلت خدر عنيزة وهذا مثل قواه تعال ( لعلي أبلغ الأسباب أسباب السموات .... )

والمعني : يقول : ويوم دخلت هودج عنيزة فدعت علي أو دعت لي في معرض الدعاء علي ، وقالت : إنك تصيرني راجلة لعقرك ظهر بعيري ، يريد أن هذا اليوم كان من محاسن الأيام الصالحة التي نلتها منهن أيضا​​ 

شرح البيت الرابع عشر :​​ 

تقول وقد مال الغبيط بنا معا  ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​​​ عقرت بعيري ياامرؤ القيس فانزل​​ 

(الغبيط : نوع من الرحال ، عقر البعير : أدبر ظهره ، والمعني : كانت عنيزة تقول لي حين يميل بنا الهودج لقد أدبرت ظهر البعير فأنزل عنه )​​ 

شرح البيت الخامس عشر :​​ 

فقلت لها سيرى وأرخي زمامه  ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​​​ ولا تبعديني من خباك المعلل​​ 

(المعلل : ​​ المكرر ، والمعني ​​ : فقلت ​​ للعشيقة بعد أمرها إياي بالنزول سيرى وأرخي زمام البعير ، ولا تبعديني مما أنال من عناقك وشمك وتقبيلك الذى أكرره )​​ 

شرح البيت السادس عشر :​​ 

فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع  ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​​​ فأألهيتها عن تمائم محول​​ 

قوله : فمثلك حبلى إلخ ، روى : ومثلك علي الروايتين ، فمثلك مجرورة برب مضمرة ، والمحول الذى أتى عليه حول . قال الخطيب : وكان يجب ​​ أن يكون محبل إلا أنه أخرجه علي الأصل وروى : مغيل ، وهو الذى تؤتي أمه وهو يرضعها .​​ 

شرح البيت السابع عشر :​​ 

إذا ما بكى من خلفها انصرفت له  ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​​​ بشق ​​ وتحتي شقها لم يحول​​ 

قوله : ​​ إذا مابكى الخ : مازائدة ، وروى : انحرفت ، وروى : وشق عندنا ، ومعني : وتحتي شقها ، أنها تميل إلي ولدها بطرفها وتنظر إليه ​​ هو لتؤنسه وليس يريد الفاحشة .​​ 

شرح البيت الثامن عشر :​​ 

ويوما علي ظهر الكثيب تعذرت  ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​​​ علي وآلت خلفه لم تحلل​​ 

( الكثيب : رمل كثير ، والجمع أكثبه وكثب وكثبان . التعذر : التشدد والالتواء ، الايلاء والأبتلاء والتألي : الحلف ، يقال : آلي ​​ وأئتلي وتألي إذا حلف ، واسم اليمين الألية والالوة معا ، والحلف المصدر ، والحلف بكسر اللام ، والمعني : يقول وقد تشددت العشيقة والتوت وساءت عشرتها يوما علي ظهر الكثيب المعروف وحلفت حلفا لم تستثني فيه أنها تهجرني .​​ 

شرح البيت التاسع عشر :​​ 

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل  ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​​​ وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي​​ 

( أزمع الأمر : وطن نفسه عليه ، ​​ الصرم : الهجر ، أجملي : ​​ أحسني، والمعني : يافاطمة دعي بعض دلالك ، وإن كنت وطنت نفسك علي فراقي فأجملي في الهجران )​​ 

شرح البيت العشرون :​​ 

وإن تك قد ساءتك مني خليقة  ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​​​ فسلي ثيابي من ​​ ثيابك تنسل ​​ 

قوله : الخليقة : الطبيعة ، وقوله : فسلى ثيابي من ثيابك ، يعني قلبه من قلبها ، أي خلصي قلبي من قلبك ، والثياب القلب وبه فسر قوله تعالي : ( وثيابك فطهر ) ، وتنسل يروى بضم السين وكسرها .​​