شرح الجزء الثالث من معلقة امرؤ القيس​​ 

أغَـرَّكِ مِنِّـي أنَّ حُبَّـكِ قَاتِلِـي

وأنَّـكِ مَهْمَا تَأْمُرِي القَلْبَ يَفْعَـلِ

وإِنْ تَكُ قَدْ سَـاءَتْكِ مِنِّي خَلِيقَـةٌ

فَسُلِّـي ثِيَـابِي مِنْ ثِيَابِكِ تَنْسُـلِ

وَمَا ذَرَفَـتْ عَيْنَاكِ إلاَّ لِتَضْرِبِـي

بِسَهْمَيْكِ فِي أعْشَارِ قَلْبٍ مُقَتَّـلِ

وبَيْضَـةِ خِدْرٍ لاَ يُرَامُ خِبَاؤُهَـا

تَمَتَّعْتُ مِنْ لَهْوٍ بِهَا غَيْرَ مُعْجَـلِ

تَجَاوَزْتُ أحْرَاساً إِلَيْهَا وَمَعْشَـراً

عَلَّي حِرَاصاً لَوْ يُسِرُّوْنَ مَقْتَلِـي

إِذَا مَا الثُّرَيَّا فِي السَّمَاءِ تَعَرَّضَتْ

تَعَـرُّضَ أَثْنَاءَ الوِشَاحِ المُفَصَّـلِ

فَجِئْتُ وَقَدْ نَضَّتْ لِنَوْمٍ ثِيَابَهَـا

لَـدَى السِّتْرِ إلاَّ لِبْسَةَ المُتَفَضِّـلِ

فَقَالـَتْ : يَمِيْنَ اللهِ مَا لَكَ حِيْلَةٌ

وَمَا إِنْ أَرَى عَنْكَ الغَوَايَةَ تَنْجَلِـي

خَرَجْتُ بِهَا أَمْشِي تَجُرُّ وَرَاءَنَـا

عَلَـى أَثَرَيْنا ذَيْلَ مِرْطٍ مُرَحَّـلِ

فَلَمَّا أجَزْنَا سَاحَةَ الحَيِّ وانْتَحَـى

بِنَا بَطْنُ خَبْتٍ ذِي حِقَافٍ عَقَنْقَلِ

هَصَرْتُ بِفَوْدَي رَأْسِهَا فَتَمَايَلَـتْ

عَليَّ هَضِيْمَ الكَشْحِ رَيَّا المُخَلْخَـلِ

 

 

شرح البيت ​​​​ الواحد والعشرون :​​ 

أغرك مني أن حبك قاتلي  ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​​​ وأنك مهما تأمري القلب يفعل​​ 

​​ (المعنى : أجرأك علي أن حبك يقتلني ، وأنك مهما أمرت قلبي بشئ يفعله )​​ 

شرح البيت​​ الاثنان والعشرون :​​ 

وما ذرفت عيناك إلا لتضربني  ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​​​ بسهمك في أعشار قلب فقتل​​ 

قوله : وما ذرفت عيناك ​​ إلخ ​​ ذرفت : أي دمعت​​ ، وروي : لتقدحي موضع لتضربني بمعناه وسهميك تثنية سهم ، والمراد بهما عيناها ، ومعني في أعشار قلب أي لتجعليه عشر قطع كما يخرق الجابر أعشار البرمة ، إلا أن ​​ القلب لا ينجبر ، والبرمة تنجبر ، ​​ وقيل المراد بسهميها المعلي والرقيب وهما من سهام الميسر ، فالرقيب له ثلاثة أنصباء والمعلي له سبعة أي تستولي على قلبي كله ومٌقتل مذلل وهو صفة لقلب .

شرح البيت​​ الثالث والعشرون :

وبيضة خدرلا يرام خباؤها  ​​ ​​ ​​ ​​ ​​​​ تمتعت من لهو​​ بها غير معجل​​ 

قوله : وبيضة خدر ​​ إلخ.... أي رب امرأة كبيضة الخدر في حسنها وصيانتها ،يرام سترها ،ومعجل اسم مفعول أعجله ، فهومعجل يعني أنه لعزه لايتعرضه من يغار عليها .​​ 

شرح البيت​​ الرابع والعشرون :​​ 

تجاوزت أحراسا إليها ومعشرا  ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​​​ على حراصا لو يسرون مقتلي​​ 

الأحراس : يجوز أن يكون جمع حارس بمنزلة صاحب وأصحاب وناصر وأنصار وشاهد واشهاد ،ويجوز أن يكون جمع​​ حرس بمنزلة جبل وأجبال وحجر وأحجار ،المعشر : القوم ، والجمع المعاشر ، الحراص : جمع حريص ، مثل ظراف وكرام ولئام في جمع ظريف وكريم ولئيم . الإسرار : الإظهار والإضمار جميعا ، وهو من الأضداد ، ويروى : لو يشرون مقتلي بالشين المعجمة وهو الإظهار لا غير .​​ 

يقول : تجاوزت في ذهابي إليها وزيارتي إياها أهوالا كثيرة وقوما يحرسونها وقوما حراصا علي قتلي لو قدروا عليه في خفية لأنهم لا يجترئون على قتلي جهارا ، أو حراصا على قتلي ظاهرا لينزجر ويرتدع .​​ 

شرح البيت الخامس والعشرون :​​ 

​​ إذا ما​​ الثريا​​ فى السماء تعرضت  ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​​​ تعرض أثناء الوشاح المفصل​​ 

قوله : إذا ما الثريا ​​ الخ ..... الثريا : نجوم مجتمعة ، ومراده بالثريا هنا الجوزاء كما قال بعض العلماء ، قال : لأن الثريا لا تعرض لها ، وهذا عندهم مثل قول​​ زهير : كأحمر عاد ،​​ وإنما هو أحمر ثمود ، والأثناء جمع ثني كعصي ومعي . والوشاح : سيرمن جلد عريض يرصع بالجواهر .

شرح البيت السادس والعشرون :

فجئت وقد​​ نضت لنوم ثيابها  ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​​​ لدى الستر إلا لبسة المتفضل​​ 

قوله : فجئت وقد نضت الخ ... خلعت : والجملة حاليه ، وقوله لنوم : مفعول لأجله ، وإنما جره باللام لأن وقت النضو غير وقت النوم ، وإذا اختلف وقت العامل والمفعول له وجب جره باللام ،وقوله : لبسة هو بكسر اللام ، لأنه دال على الهيئه ، والمتفضل : الذي في ثوب واحد.​​ 

شرح البيت السابع والعشرون​​ :

فقالت يمين الله مالك حيلة  ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​​​ وما إن​​ أرى عنك الغواية تنجلي​​ 

الغواية : الضلالة والجهالة والعماية ، تنجلي : تنكشف .

 

لم تصدق هذه البيضة ما رأت عندما فاجأها هذا الفتى الطائش فما تمالكت نفسها إلا أن أقسمت فقالت والله لا أقتلك أي حيلة تمنعك عني فأنت مجنون ولا أظنك تاركا هذا الجنون وهنا مزيج من الدلال والتمنع والخوف من هذه الفتاه .

شرح البيت الثامن والعشرون :

خرجت​​ بها تمشي تجر وراءنا  ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​​​ على أثرينا ذيل مرط مرحل​​ 

قوله : خرجت بها تمشي الخ .... أمشي بالهمزة ، وفيها شاهد مجئ حالين من اسمين بحسب الترتيب​​ ، فأمشي حال من الفاعل وتجر حال من المفعول وهو بها ، فإن الباء للتعدية ومرحل : منقوش ، يروى بالجيم والحاء .​​ 

شرح البيت التاسع والعشرون :

فلما أجزنا ساحة الحي​​ وانتحى  ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​​​ بنا بطن خبت ذي حقاف عقنقل​​ 

قوله : فلما أجزنا ساحة الحي وانتحي الخ .... أجزنا : قطعنا ، ​​ وساحة الحي : فناؤه ، وقيل : رحبته ، واختلف في الواو من قوله : وانتحي ، فقيل زائده وانتحى جواب لما ، وانتحى : اعترض ، والخبث : الأرض المطمئنه ، والحقاف : جمع حقف ، وروي : بطن حقف ذي ركام فالحقف الرمل المشرف المعوج ، والقف : ماغلط​​ من الأرض وارتفع ، والعقنقل :المتعقد من الرمل .​​ 

شرح البيت الثلاثون : ​​  ​​​​ 

هصرت​​ بفودى رأسها فتمايلت  ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​ ​​​​ على هضيم الكشح ريا المخلخل​​ 

قوله : هصرت الخ..... أي جذبت وثنيت ، وفودا رأسها جانباه ، وتماليت اي مالت ، والرواية الصحيحة : إذا قلت هاتي ناوليني تمايلت الخ .

​​