الكميت بن زيد​​ الأسدي

بين المبالغة و​​ النقص ، بين التصنع و الابتذال ، قصائد الكميت تفردت .

​​ اسمه و نسبه :

هو​​ الكميت بن زيد بن خنيس الأسدي أبو​​ المستهل ،​​ شاعر​​ الهاشميين ،​​ ​​ من أهل​​ الكوفة​​ ،​​ عُرِف​​ في العصر الأموي ، وكان عالماً بآداب العرب​​ و لغتهم​​ و قصصهم​​ و نسبهم​​ ، كان ينحاز نحو ​​​​ بني هاشم ،​​ يمدحهم في أشعاره​​ .

ملخص من حياة الكميت بن زيد​​ :

وُلِدَ عام ٦٠ للهجرة /​​ ٦٨٠ ميلادي

كان فارساً مقداماً​​ ، و كريماً​​ ، رامياً​​ ​​ و متفوقاً في ذلك على كل أبناء قبيلته (الهاشميات)​​ .

يدافع​​ عن فكرة عقائدية​​ محددة​​ ، وعن​​ مبدأ لا غموض فيه​​ ،​​ و أسلوب​​ صحيح ،​​ و فكرته​​ هذه قد آمن بها​​ و صدقها ،​​ و كرّس​​ لها​​ عمره​​ و طاقته​​ ،​​ و احتمل الأذى الذي نتج عنها​​ و​​ مات​​ بسببها عام​​ ١٢٤ للهجرة / ٧٤٤ ميلادي​​ .

عندما​​ ​​ ثار​​ زيد بن علي على​​ هشام ،​​ صار​​ الكميت​​ يوافق و​​ يدعم​​ المشاركة​​ في الثورة​​ التي أُقيمت​​ على حكم بني مروان​​ ،​​ مما​​ جعل ​​​​ حكام عصره​​ يغضبون عليه​​ ،​​ فواجه​​ مشاكلاً كثيرة​​ مراراً​​ و تكراراً​​ ،​​ و تعرض للسجن و تشرد .

ملخص من حياة الكميت بن زيد الأدبية :​​ 

كان شاعرنا الكميت​​ من أصحاب​​ الملحمات ( القصائد الطويلة )​​ 

تمتعت شخصيته بصفات نادراً ما تجتمع في شاعر ، فقد ​​ كان خطيب بني أسد ، و فقيه الشيعة .

​​ و أهم الأسئلة التي يجب أن تراودنا عن شاعرنا هنا من أين جلب الكُميت مصادره لبناء تجربته الفنيّة المتفردة ؟

​​ لقد تبين أنّ ثقافته الشّعريّة​​ مرجعها ​​​​ ثلاثة مصادر، وهي عصر ما قبل​​ الإسلام ،​​ بمقدرته اللغويّة والشعريّة​​ ، و​​ عصر​​ الإسلام بما يحمل من قيم وتقاليد جديدة​​ آنذاك​​ ، و​​ تقاطع الحياة الأمويّة​​ بمجالاتها​​ المتنوعة​​ ، فالصورة الفنيّة​​ في أشعار​​ الكُميت​​ أتت​​ من كلِّ​​ ذلك ،​​ معتمدة التشبيه والاستعارة​​ و الكناية،​​ بالإضافة للجناس والطباق والمقابلة​​ و​​ وسائل فنيّة أخرى لبنائها مبتعدة عن​​ الشعر المبتذل من جهة و عن​​ المبالغة​​ والتصنع​​ من جهة آخرى ، و ذلك​​ من خلال وسائل طبيعية متأثرة بالسرد القرآني​​ المميز، فشعر الكُميت​​ يبتعد عن الغموض و يتصف​​ بالواقعية​​ ،​​ فالصورة الشعريّة​​ حصدت​​ اهتمام​​ الشاعر لأنّها​​ محور رئيسي​​ في تشكيل رؤيته الشعريّة تشكيلاً​​ فنيّاً و اتجاهه في بناء قصائده ،​​ والإيحاء بالأبعاد الفنيّة لهذه​​ الرؤية و هذا الاتجاه .

قصائد الكميت بن زيد الأسدي :

لعل أحد أشهر قصائده هي القصيدة التالية :

​​ نفى عن عينك الأرق الهجوعا * وهم يمتري منها الدموعا​​ 

​​ دخيل في الفؤاد يهيج سقما * وحزنا كان من جذل منوعا​​ 

لفقدان الخضارم من قريش * وخير الشافعين معا شفيعا

​​ لدى الرحمن يصدع بالمثاني * وكان له أبو حسن قريعا​​ 

شرح​​ بعض مفردات الأبيات​​ :​​ 

نفى​​ :​​ طرد​​ .

الأرق :​​ السهاد​​ .

الهجوع​​ : النوم​​ .

يمتري​​ :​​ يجلب​​ ؛​​ يقال​​ : امترى الرجل الناقة إذا مسح درعها​​ للحلب .

​​ دخيل​​ : المقصود بها​​ هم دخيل متملك في​​ الفؤاد .

​​ والجذل :​​ الفرح و السرور .

الخضارم​​ : السادات جمع​​ خضرم .

 ​​​​ يصدع​​ :​​ يفصل وينفذ والصدع​​ يعني​​ الفصل​​ ؛​​ يصدع بالحق أي يفصل وهنا يصدع بالمثاني​​ أي​​ يفصل​​ .​​ 

المثاني :​​ فاتحة الكتاب وهي سبع آيات​​ مفردها​​ مثناة​​ ؛​​ قيل لها مثاني لأنها يثنى بها في كل ركعة من ركعات الصلاة قال​​ تعالى​​ : ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن​​ العظيم​​ .​​ 

و هنا بعد أن قمنا بإيضاح مفردات الأبيات السابقة نترك لكم أسلوب التعبير ، لنصنع كما فعل الكميت رؤيتنا الخاصة و طريقتنا المتفردة ، فما​​ تركه لنا من قوة و أسلوب يستحق أن يُدرس و أن يُحتذى به .

إعداد و تحرير : أريج غانم .