الشعر الأندلسي: خصائصه وأنواعه

 

 ​​ ​​ ​​​​ يعد الشعر الأندلسي جزءًا مهمًا من الثقافة الإسلامية الأندلسية التي أثرت في العصور الوسطى، والذي يعد مصدرًا رئيسيًا للثقافة الشعبية الأندلسية الشاملة، وقد انفرد بمجموعة مميزة من الخصائص والفنون الشعرية والنظم التي نظمها الشعراء، فقد كان كان الشعر الأندلسي يعبرعن الشغف والحب، ويتضمن الدين والأديان، ويعبر عن الثقافة الإسلامية،

​​ في هذا المقال، سنتطرق إلى شرح ماهية الشعر الأندلسي وبداياته، خصائصه وأهم شعرائه، ونختتم بباقة من أفضل وأرقى ما كتب شعراء الأندلس.

إذا ما ذُكر الإبداع والبساطة ورقة الأسلوب، ذُكر الشعر الأندلسي أو ما يعرف بشعر المغرب الأندلسي،​​ 

فهو ذلك النوع من الأدب الذي بدأ في الظهور في القرن الثامن عشر، واتسمت الألفاظ المستخدمة به بوضوحها وسهولتها، إضافةً إلى رقة الأساليب الشعرية نفسها، ولكن ليس هذا فقط ما اتسم به شعر الأدب الأندلسي،  ​​ ​​​​ 

​​ إليك خصائصه:

  • كان للشعر الإسلامي والشعر العباسي أثر كبير في الشعر الأندلسي، لدرجة أن الشعراء الأندلسيين لُقبوا بألقاب شعراء المشرق.

  • أثرت بيئة الأندلس في الشعراء مما جعل قصائدهم معبرة عن ذاتية أصحابها، وأصبح الشعر مرتبطا بشكل كبير بالواقع.

  • البساطة في التعبير، والاستخدام الأمثل للتصورات والخيالات الجميلة.

  • أبدع الأندلسيون في التصوير واستخدام الخيال، نلاحظ بأبيات قصائدهم التشبيهات الجميلة الواضحة، وكذلك الاستعارات الرقيقة.

  • كان من طبيعة الحياة السائدة في الأندلس: حب الغناء وانتشاره في المجالس الأندلسية فظهر ذلك جَليًا في كثرة استخدام البحور الخفيفة في الشعر الأندلسي.

  • اتسم أيضًا بإيقاع موسيقي يمكننا رؤيته بكل وضوح في الألفاظ والتراكيب التي استخدموها في قصائدهم.

  • من أكثر وأهم ما اتسم به شعر الأندلس هو التناغم في قوافي الأبيات، واستخدام تراكيب وتعابير تمتاز بالسهولة والوضوح.

  • يظهر أثر الطبيعة الكبير في الشعر الأندلسي في أن شعر الطبيعة الأندلسي لم يُعرف بنظام القصيدة، بل اتسم بنظام المقطوعات.

 

الجدير بالذكر هنا، أن شعر الأندلسية لم يقتصر فقط على أمهر الشعراء، بل شاركهم عدد كبير من فئات المجتمع كالوزراء والكتاب والفقهاء والأطباء والفلاسفة،وأهلُ النحو واللّغة، والسبب في ذلك يعود إلى روعة وجمال الطبيعة الأندلسية التي​​ كانت تبعث الإلهام وتثير العواطف بالجميع فتحولهم إلى شعراء؛ ولكن عزيزي القاريء، عُرف ​​ المجتمع الأندلسي أيضًا بتكوينه الثقافي الهائل، الذي يقوم على علوم وآداب العربية، والذي كان له أثر أيضًا في كثرة الشعر والشعراء الأندلسيين.

أنواع الشعر في العصر الأندلسي:-

أدلى شعراء الأندلس بأسلوبهم الشعري في العديد من الأغراض التقليدية، مثل الغزل، الزهد، المجون، التصوف، الهجاء، الرثاء، والمدح. كما كانوا قادرين على تطوير الشعر الرثائي، وأبدعوا في شعر الرثاء الخاص بالممالك والمدن الأندلسية التي سقطت.

​​ كما كانوا متأثرين بالأحداث السياسية التي تحدث حولهم، مما أدى إلى ابتكار الشعر الذي يطلق عليه الاستغاثة، كما كانوا قد توسعوا في كتابة أشعار عن البيئة الأندلسية، وابتكروا نوعا جديدا من الشعر يعرف بفن الأزجال والموشحات.

شعر الغزل:

كان للغزل النصيب الأكبر في الظهور في الشعر الأندلسي، فلقد حيز له الأندلسيون مساحة كبيرة في أشعارهم ومن أبلغ وأوضح الأمثلة في الغزل الأندلسي،

ما قاله أبو الفضل الميكالي:

إِنَّ لي في الهَوى لِساناً كَتُوماً

وَجَناناً يُخفي حَريقَ جَواه

غَيرَ أَنّي أَخافُ دَمعي عَلَيه

سَتَراهُ يُفشي الَّذي سَتَراه

 

 

 

 

شعر المدح:

هو أحد فنون الشعر الأندلسي التقليدية والتي نظم فيها عدد كبير من الشعراء، وذلك لاتصالهم بحكام الأندلس على مدار المراحل السياسية المختلف التي مرت بها الأندلس، ومما قيل في المدح الأندلسي قول ابن زيدون:

أَكرِم بِوَلّادَةٍ ذُخراً لِمُدَّخِرٍ

لَو فَرَّقَت بَينَ بَيطارٍ وَعَطّارِ

قالوا أَبوعامِرٍ أَضحى يُلِمُّ بِها

قُلتُ الفَراشَةُ قَد تَدنو مِنَ النارِ

شعر الرثاء:

توسع شعراء الأندلس في رثاء المدن والإمارات التي سقطت من بلاد الأندلس، حزنًا على ضياعها، وتعبيرًا عن ألمهم على بلادهم، فكانوا يصورون تلك الأحوال في قصائدهم، آلمين على ضياع بلادهم وحال العرب حينها،

ومن أشهر ما قيل في الرثاء، قول ابن حزم الأندلسي:

وددت بأن ظهر الأرض بطن

وأن البطن منها صار ظهرا

وأني مت قبل ورود خطبٍ

أتى فأثار في الأكباد جمرا

 

 

الموشحات:

لم يكن هذا اللون الشعري موجود مسبقًا، وإنما تم استحداثه في العصر الأندلسي،

ظهور الموشحات كان نتيجة لظاهرة اجتماعية وهي امتزاج العرب بالإسبان، وحدث امتزاج لغوي بينهما نتيجة الازدواج العنصري، ومن أشهر الموشحات الأندلسية موشح الشاعر أبو بكر يحيى واصفًا اعتلاله مما يلاقيه من محبوبته:

أما والهّوَى إنني مُدْنَفُ

بحُبّ رَشاً قلما ينْصفُ

أطاوعه وهو لي مُخْلفُ

فَعما قليل به أتْلَفُ

وواعدني السّقمَ حتى انتهكْ فُؤادي فيا وَيحْتَاَ قد هَلَكْ

 

شعر الزجل:

ظهر هذا النوع من الفن الشعري بعد ظهور الموشحات، أي أنه وليدٌ أندلسيٌ، ثم انتقل من الأندلس إلى جميع أنحاء المشرق العربي، وهو نوع من أنواع الشعر كانت بداية نشأته في الأندلس، وهو أحد أنواع النظم الشعرية لكنه يختلف عن القصائد في الإعراب والقافية، ومن أشهر النماذج على شعر الزجل ما جاء به ابن قزمان:

لس نفيق من ذا الصّدود أبدا

أو نعنق في ذراعي الحبيب

بي نكد بليت أنا وَي عذاب

الوصال يا قد نُسي ​​ بالعتاب

شعر الهجاء:

رغم قلة الأحزاب السياسية في العصر الأندلسي، إلا أن شعراؤه برعوا في هذا النوع من الشعر، واتسم شعرهم الهجائي بقسوته وغلظته بل وتطرفه، لدرجة أن منهم من كان يهجو نفسه كابن حزمون الذي قال:

تَأَمَّلْتُ فِي المِرْآةِ وَجْهِي فَخِلْتُهُ كَوَجْهِ عَجُوزٍ قَدْ أَشَارَتْ إِلَى اللَّهْوِ

إِذَا شِئْتَ أن تَهْجُو تَأَمَّلْ خَلِيقَتِي فَإِنَّ بِهَا مَا قَدْ أَرَدْتَ مِرَ

 

وبعد أن تحدثنا عن الشعر في الأدب الأندلسي كمفهوم، وعن خصائصة التي تفرد بها، وأنواعه المختلفة القديم منها والمستحدث، فسنستعرض في المرات القادمة ونستفيض أكثر عن أهم شعراء الأدب الأندلسي وأشهر قصائدهم، وكيف أثر الشعر الأندلسي في الثقافة العربية.

إلى هنا ينتهي مقالنا، ولكن جمال الشعر والأدب الأندلسي لا ينتهي..

بقلم\ هدير أشرف