الشعر والشعراء الذين كتبوا في رسول الله​​ ​​ صلى الله عليه وسلم وحروب المسلمين

تأثر الشعر في العصر الإسلامي بتعاليم الدين الإسلامي، فامتاز بالتجديد في المعاني المستمدة من القرآن الكريم​​ والابتعاد​​ عن التكلف والصعوبة​​ وغلبة الرقة واللين على معاني وألفاظ الشعر في عصر صدر الإسلام،​​ كما​​ تنوعت الأغراض والموضوعات التي تناولها هذا الشعر​​ فكانت معظمها في رسول الله صلى الله عليه وسلم والدعوة الإسلامية​​ والمسلمين​​ وهجاء كفار قريش والرد على شعرهم.

  • الشعر الذي كُتِب في رسول الله​​ صلى الله عليه وسلم:

عاش رسول الله صلى الله عليه وسلم في عصر كَثُر فيه الشعر والشعراء فكان لا بد من أن يتغنى الشعراء بسيد المرسلين محمد عليه أفضل الصلاة والسلام​​ ويقومون بمدحه والثناء عليه، هذا الرجل العظيم الذي يستحق التعظيم والاحترام لما قدمه من تضحية​​ لتعليم الناس وهديهم للطريق القويم ونشر الثقافة الإسلامية وتعاليم الدين الإسلامي في العالم أجمع؛ فهو​​ سيد الخلق و​​ خاتم المرسلين، وقد​​ ولد هذا النوع من الشعر مع مولد خير الخلق محمد صلى الله عليه وسلم،وهذا الشعر امتاز بالتجديد​​ وغلبة المعاني الدينية والألفاظ الدينية عليه​​ ك​​ ( الهدى​​ ​​ التقوى​​ ​​ الورع​​ ​​ السلام​​ ​​ الإسلام...)​​ وهناك العديد من الشعراء الذين انفرد شعرهم لمدح الرسول الكريم​​ والثناء عليه والحديث عن صفاته الخَلقية والخُلقية التي عبروا عنها بأجمل الكلمات، ففاض الشعر الذي كتب في رسول الله صلى الله عليه وسلم​​ بالحب والمشاعر الصادقة النابعة من قلب كل شاعر قام بوصف ومدح شخصه العظيم​​ لما حمله هذا الشعر​​ الديني​​ من معانٍ سهلة وواضحة​​ وصادقة​​ وألفاظ​​ تفيض بالرقة والحب​​ والروحانية كما​​ جاءت متناسبة مع​​ ما جاء به الدين الإسلامي والقرآن الكريم،​​ كما أن الأغراض الشعرية​​ تطورت وأخذت قالباً جديدا في هذا العصر،​​ وبقي الشعر الذي كُتب في رسول الله صلى الله عليه وسلم​​ على اختلاف أغراضه من مدح وثناء ووصف​​ ورثاء وهجاء الكفار​​ مستمراً في وصفه​​ الشعر المميز والأفضل​​ على مر العصور​​ على يد شعراء​​ أبدعوا​​ في كتابته بأفضل وأجمل العبارات.

  • ومن أهم وأبرز الشعراء الذين مدحوا رسول الله صلى الله​​ عليه وسلم:

هناك العديد من الشعراء الإسلاميين الذين نظموا قصائد في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبدعوا في هذه القصائد، فمنهم من أُطلق عليهم شعراء الرسول​​ لأن شعرهم انفرد بالمدائح النبوية واختصوا بمدح ووصف الرسول الكريم عليه​​ أفضل​​ الصلاة والسلام والدفاع عن الرسول والدعوة عن طريق هجاء كفار قريش والرد عليهم،​​ فكان قولهم للشعر يُعتبر جهاداً لأن هذا الشعر​​ يؤثر نفسياً على الكفار، وهذا ما أكده رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: {اهجوا قريشاً فإنه أشد عليهم من رشق النبل}.

وبعض هؤلاء الشعراء أدركوا الجاهلية والإسلام فكانت مدائحهم النبوية تحمل بعض الألفاظ الجاهلية القوية والجزلة​​ كحسان بن ثابت، ومنهم من كان ينظم شعر المدح النبوي بإلى جانب​​ جهاده في المعارك مع الكفار في سبيل الدعوة الإسلامية​​ كعبد الله بن رواحة، وكذلك الشاعر كعب بن مالك الذي اشتهر بهجاء قريش والرد عليهم والدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم، بالإضافة إلى مشاركته في غزوة أحد كما سمح له الرسول الكريم قول اىشعر في المسجد،​​ ​​ ولا ننسى الشاعر كعب بن زهير الذي قام بهجاء النبي صلى الله عليه وسلم​​ وعندما أُهدر دمه من قِبل النبي صلى الله عليه وسلم جاء واعتذر من الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام وألقى في حضرته قصيدته المشهورة​​ (البردة).

ولم ينتهِ​​ الشعر​​ النبوي مع​​ انتهاء عصر صدر الإسلام بل​​ ظلّ​​ شعراء​​ العصور​​ العباسية و​​ المتأخرة​​ يتغنون بمدح النبي محمد صلى الله عليه وسلم​​ كالشاعر شرف الدين البوصيري الذي قال أجمل الكلمات في مدح الرسول عليه الصلاة والسلام وقصيدة​​ جرير​​ التي حملت معاني الحب​​ وشعراء الأندلس الذين أبدعوا في​​ مدحه عليه الصلاة والسلام كابن جابر الأندلسي​​ الذي نظم قصيدة من أبدع ما يكون في ذكر​​ آيات القرآن الكريم والثناء على النبي صلى الله عليه وسلم​​ وقصيدة​​ أحمد شوقي​​ التي ذكر فيها​​ أن بمولد النبي صلى الله عليه وسلم أنارت الدنيا وأشرقت​​ والصيادي وابن الخياط وعائض القرني​​ أحمد شوقي وغيرهم.

  • الشعر الذي قيل في رثاء رسول الله صلى الله عليه وسلم:

لم يكن​​ خبر وفاة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم​​ له​​ ​​ بالأمر​​ الهيّن على الناس أجمع،​​ فبعد وفاته عليه الصلاة والسلام أظلمت الدنيا وخيّم الحزن والبكاء على المسلمين، فهبّ الشعراء​​ يرثون النبي عليه الصلاة والسلام ويعبرون عن حزنهم من خلال​​ مراثيهم الشعرية، وكما خصوا النبي بمدائح نبوية عظيمة بكل ما تحمله من معاني وألفاظ وتراكيب، خصصوا أيضاً مراثي نبوية​​ تفيض بالمشاعر الجياشة بما فيها من حزن وبكاء ولوعة على فراق سيد الخلق محمد عليه الصلاة والسلام،​​ فكانت وفاته عليه أفضل الصلاة والسلام خسارة كبيرة للأمة الإسلامية جمعاء، ومن الأوائل الذين رثوا رسول الله صلى الله عليه وسلم الإمام علي بن أبي طالب الذي كان صديق الرسول الكريم​​ وقام بالدفاع عنه ومشاركته في كثير من المعارك والحروب، وكذلك رثاء ابنته فاطمة الزهراء​​ التي حزنت حزناً شديداً على فراق والدها وبكته بكاء جماً، وحسان بنت ثابت المعروف بشاعر الرسول فقد خص الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام​​ بقصيدة رثاء كاملة تفيض بالبكاء واللوعة ومشاعر الحزن وتُظهر لنا تأثره الشديد بقفراق سيده وحبيبه،​​ وكذلك رثاء أبو العتاهية​​ في قصيدة جمع فيها المدح والرثاء لشخصه الكريم​​ عليه أفضل الصلاة والسلام، وأبي بكر الصديق​​ الذي​​ كان​​ موت النبي محمد صلى الله عليه وسلم فاجعة​​ بالنسبة له لأنه كان الصديق المقرب للنبي محمد عليه الصلاة والسلام​​ فكتب قصائد​​ تفيض العين دمعاً عند قراءتها​​ وكأن​​ فراق النبي صلى الله عليه وسلم أثقل أبي بكر بالهموم​​ وكأن الدنيا كلها انتهت بفراقه،​​ وعمرو بن الخطاب​​ الذي لم يستطع تصديق خبر وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام فقال: "​​ والله ما مات رسول الله" وبعد وقوفه عند​​ جثمانه بكى بكاء شديداً وألقى قصيدته​​ المشهورة التي بداها بقوله: "بأبي أنت وأمي يارسول الله"​​ ​​ والكثير من الشعراء الذين تسابقوا في رثاء خير المرسلين وسيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم​​ في قصائد امتازت بمشاعر صادقة تحمل بين طياتها بكاء وحزناً على فراق أفضل الخلق وخاتم المرسلين.