الادب والشعر في العصر الجاهلي:

قصة المعلقات وتاريخها: 

في البدايه لابد ان نطرح سؤالا مهما وهو تُري متي كان ظهور الشعر العربي في الجزيرة العربية …؟ومتي كانت أولياته فالشعر الذى وصل الينا والذى لا يمتد إلي اكثر من نيف ومائة سنة قبيل الاسلام كامل مستقيم في اوزانه وتعابيره ومعانيه وهذا يدل انه كان هناك تجارب شعريه قبل هذا التاريخ ومحاولات عده الي ان انتظم الشعر في الشكل الذى نجده في المعلقات وغيرها من شعر العرب قبيل الاسلام …

ومن الادله علي ذلك بعض شعراء العصر الذى سبق الاسلام كامرئ القيس وعنتره مثلا ذكرا  ان هناك شعراء سبقوهما ،فقال عنتره 

                    هل غادر الشعراء من متردم                                           ام هل عرفت الدار بعد توهم  

وقال امرؤ القيس :

             عوجا علي الطلل المحيل لعلنا .                                                                نبكي الديار كما بكى ابن خزام 

فمن يكون ابن خزام هذا ؟

اننا لم نسمع باسمه قبل ان يذكره امرؤ القيس ؛ولا وصلنا شئٌ من شعره  . 

فالشاعر قبل الاسلام كان يعبر عن مايحدث داخل قبيلته فهو كان بمثابة المدافع عنها المنتقد لخصومها الناشر لمفاخرها وامجادها فهو في الحرب يحمسها ويتفاخر ببطولات قبيلته ومن عظم اهمية الشاعر كان اذا نبغ في     القبيله شاعر فرحت واستبشرت واقامت الحفلات ونصبت المآدب للضيوف المهنئين .

والشعر العربي كان مقسما الي ابواب؛ فكان فيه الهجاء والغزل والحماسة وايضا القصص وان كانت ناحية القصص ضعيفه جدا .

والشعر العربي كان يحوى علي وصف بالشواهد لحياة الجاهلية وافكارها فله خواصه ومزاياه وتلك كانت الصوره الواضحه في الاغاني والاناشيد التي نظمها الشعراء الجاهليون ،وايضا الادب الجاهلي فيه مافيه من تصوير الحياة تصويرا دقيقا مظهرا الايام القاسيه التي كانوا فيها .

وايد المؤرخ الفرنسي رينان هذه الفكرة واشاد بدقة الشعر والادب الجاهلي فقال :(ان الشعر الجاهلي لم يفقد قيمته التاريخيه والادبيه من حيث تصوير صادق للحياة الجاهلية).

خصائص الشعر العربي الاول : 

-كان الشعر العربي الاول صورة صادقة  لحياة العرب الاجتماعية .

– خلا من التقليد وابتعد عن التكلف وهذا نتيجة الحياة البدوية الساذجة التي لا فيها تكلف ولا تعقيد فكلما كان الشعر ساذجا كان صادقا قريبا من الطبيعه .والقصائد عند  شعراء الجاهليه تسير في كثير من الاحيان علي منهج واحد  فتبتدأ بالتشبيب بالمرأه ،ثم يتحدث الشاعر عن جواده او ناقته وسرعتها وسهولة سيرها ،واخيرا ينتقل الي غرضه من القصيده فجأة من دون تكلف  فمثلا يفتخر بقبيلته او يهجو غيرها او يتكلم عن اي غرض  ثم ينتهي من قصيدته من غير تكلف ،واوضح مايمثل هذه الخصائص المعلقات وقد بلغ اطولها مائةبيت وخمسة ابيات ،وأقصرها اربعةوستين بيتا .

متي بدأ تدوين الشعر الجاهلي ؟

الشعر الجاهلي لم يُدون الا في العصر العباسي وقبل هذا التاريخ كان يدور علي ألسنة الرواة ،وكان لكل شاعر في الجاهلية رواية يحفظ شعره ويروى عنه ،وقد يكون هذا الراوى شاعرا ايضا .

وبالطبع هذا التأخير في التدوين جعل بعض الكتاب يشكون في كثير من الابيات والقصائد التي وصلتنا .

تاريخ الشعر العربي:

التحدث عن الشعر العربي وتاريخه امر شاق ،فليس في المصادر التي بين ايدينا مايقرر تاريخ هذا الشعر علي وجه مأمون موثوق ،وكل مانعرفه اننا نجد هذا الشعر في القرن السادس الميلادي كاملا منوعا ينعم بكثير من حسن الاسلوب وسمو المعني .

وهذا الاختلاف في التأريخ والتضارب لأوليةالشعر وقع فيه ايضا اليونان والرومان  وهؤلاء ايضا لم يوفقوا الي التأريخ لشعرهم علي وجه يرضي المؤرخ المعاصر .

ومن المؤكد ان السبب في هذا التقسيم الجغرافي الذى جعل من الجزيره العربيه اقساما مستقله بعضها عن بعض .

والشعر العربي ملئ بالكنوز اللغويه الجميلة التي تستحق الاطلاع عليها والاغتراف من مناهلها العذبة ودراستها  لنرى بعض من صور الشعر في الجاهلية ومن هذه الصور (المعلقات).فهي بالتأكيد صوره موفقه لأجمل الشعر الجاهلي وأعذبه .

سبب تسميتها بالمعلقات:

اختلف المؤرخون في سبب تسمية القصائد التي جمعها (حماد الراوية) باسم المعلقات ،فكان حماد اول من جمعها في اواخر عصر بني امية واوائل العصر العباسي ويرجع السبب في ذلك لانه رأي من الناس زهدا في الشعر الجاهلي فقام بجمع هذه القصائد السبع وقال هذه المشهورات  فسميت القصائد المشهورات .

اذاً فهذه القصائد لم تكن تسمي المعلقات  في عهد حماد وإنما كانت تسمي القصائد المشهورات .

بعض الكتاب يرى ان اللغه تسوغ اشتقاق هذا الاسم لتلك القصائد لان الحفظ (تعليق) لما يحفظ بمحل حفظه ،ولكن غيرهم يرى غير هذا الرأى فيقولون ان الشعراء في الجاهليه كانوا يقصدون اسواق العرب التي كانوا يقيمونها كل سنه بجوار مكه فيتناشدون الاشعار وكان لكل شاعر مكان مرتفع يقف عليه وينشد قصيدته للناس المجتمعة في هذه الأسواق وكان الناس ينظرون للشاعر ويحدقون به ولا يقاطعه احد ولا يستوقفه احد الي أن ينهي قصيدته فإذا ما أحكم القول، وبلغ من الفصاحة مبلغا يجعل المستمعين يتفقوا علي إجادته وحسنه قاموا بكتابته بحروف الذهب علي الديباج النفيس وعلقوه علي استار الكعبه المشرفه تخليدا لذكره ،ومن هنا ارجعوا تسميتها بالمعلقات ،وممن قال بهذا في سبب تسمية تلك القصيده بالمعلقات احمد ابن عبد ربه القرطبي صاحب العقد الفريد وابن خلدون ،وابن رشيق.

وكما اختلفوا في اسمها اختلفوا ايضا في عددها وعدد اصحابها ،فبعضهم يجعلها ثمانية ،وبعضهم عشرا، والقول المشهور انها سبع ،وأن اصحابها هم:امرؤ القيس وزهير وطرفه ولبيد وعنتره وعمرو بن كلثوم والحارث بن حلزه .

واخيرا فهي من خير شعر العرب وهي  من اعظم الأدله علي لغتهم وبلاغتهم ووصف حياتهم الاجتماعية ومختلف مناحي حياتهم وقد قام العلماء بجمعها وشرحها بطرق شتي ،مختصره ، ومطوله.

المصارد:
- كتاب شرح المعلقات السبع
- المصادر الموثقة علي الانترنت لبعض الكتب والمواقع