الأحوص

بين الغرور الكبير الذي يُروى عنه و حظه السيء أو حظنا نحن ، في ديوانه الضائع .

اسمه و نسبه :

​​ الأحوص الأنصاري هو لقب للشاعر الأموي عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عاصم بن ثابت الأنصاري​​ ، لقّب بالأحوص​​ بسبب تضيق ما في عينه ،​​ وكان من طبقة جميل بن معمر المعروف بجميل بثينة وكذلك من طبقة الشاعر نصيب​​ ، وقد كان معاصرًا لثنائيّ النقائض الأمويّ​​ الشهيرين​​ جرير والفرزدق​​ .

ملخص من حياة الأحوص :​​ 

​​ كان الأحوص من الأشخاص الذين يميلون للشر و يستمتعون به، و كان غبي لا يذهب إلى القصد في سيرته ،​​ و قيل​​ عنه أنّه كان​​ نرجسياً​​ مزهوًّا بنفسه متكبّرًا على​​ البشر .

كثيراً ما كان يشرب​​ الخمر​​ و يعشق​​ النساء والغلمان​​ كذلك ،​​ وكان​​ عنيداً ما من شيء يغير رأيه إذا أراد​​ .

عاش​​ في المدينة المنوّرة وقد​​ ذهب في أحد الأيام إلى​​ ​​ الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك بن مروان​​ ، فكان كريماً معه و عامله بإحسان​​ ، و لكن الخليفة​​ قد سمع منه ما​​ يزعجه​​ فأمر​​ بإعادته​​ إلى المدينة وجَلدِه​​ هناك ،​​ ثمّ بعد ذلك​​ أمر بنفيه​​ إلى جزيرة دهلك​​ وهي تقع​​ بين اليمن والحبشة​​ ؛​​ كان​​ خلفاء بني أمية​​ ينفون إليها من يغضبون​​ منه ،​​ وبقي في منفاه إلى ما بعد وفاة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه​​ ،​​ فأطلقه يزيد بن عبد الملك بن مروان​​ ،​​ فسافر​​ إلى دمشق حتى توفي فيها وكان ذلك سنة 105​​ للهجرة .

ملخص من حياة الأحوص الأدبية :​​ 

كان شاعر​​ هجاء​​ ،​​ وكان يرميهم​​ بأبياته​​ على نحو​​ عالي​​ ،​​ فيُحكى​​ أنّه قد هجا قبيلة قريش والأنصار​​ أيضاً​​ ، ويروى أنّه قال يومًا لواحد من بني عجلان واسمه ابن جرير: إنَّ بقومٍ سوَّدوكَ لحاجةٌ إلى سيّدٍ لو يظفرون بسيِّدِ​​ ، فقام​​ ​​ ذلك الرجل بالإمساك بحنجرة​​ الأحوص​​ و كان​​ معه​​ حينها​​ راوية شعره​​ ، وجاء الناس​​ ليساعدوا​​ الأحوص من بين يدَي الرجل فأقسم أنّ الذي​​ سيحاول مساعدة​​ الأحوص​​ و تخليصه​​ فإنّه​​ سيترك​​ الأحوص ويأخذه​​ مكانه ، فبقي​​ الأحوص كذلك حتى​​ أُنهِكَ​​ وأغمي عليه​​ ،​​ فعندما استيقظ​​ كان ابن جرير فوقه وقد أقسم له إن كان سيسمع هذا البيت​​ من الشعر​​ من أحد​​ ما​​ فإنّه​​ سيذبح​​ الأحوص بسيفه​​ و يتركه​​ قتيلًا ولو تعلّق بأستار الكعبة​​ ، فلمّا​​ وجد​​ الأحوص أنّ الرجل​​ لا يمزح​​ فيما يقول قال لراوية​​ شعره​​ : "إنّ هذا مجنون، ولم يسمع البيت غيرك، فإيّاك أن يسمعه منك أحد". ​​ 

كان يمدح الأمويين طمعاً بالهدايا و العطايا ،​​ ولكن في​​ نهاية الأمر​​ اشتكى أشراف الأنصار من​​ أسلوب​​ الأحوص الذي​​ هجاهم ​​​​ و شرفهم ،​​ فجُلِدَ مئة​​ سوط .​​ 

قصائد الأحوص :

قد​​ فُقد ديوان الأحوص​​ الأنصاري​​ مع​​ كثيرٍ​​ من كتب العرب​​ ، وما​​ وُجِد​​ منه هو قطع​​ مبعثرة​​ في بطون الكتب ،​​ و كتب في أغراض الشعر الكثيرة كالمديح و الهجاء و شعره​​ فيه​​ الافتخار كذلك​​ ، وهذا ما يُشتهر به ،​​ و​​ كذلك​​ يُعرف​​ بالغزل الرقيق الذي ذاع على ألسنة الجواري ، و​​ من شعره​​ في​​ الغيرة​​ :​​ 

وَمَا زَالَ مِن قَلبِي لسَودَةَ ناصِرٌ

يَكونُ عَلَى نَفسِي لَها وَوَزيرُ

فَما مُزنَةٌ بَحرِيَّةٌ لاحَ بَرقُها

تَهَلَّلَ فِي غمٍّ لَهُن صَبيرُ

وَلا الشَّمسُ فِي يَومِ الدُّجُنَّةِ أَشرَقَت

وَلا البَدرُ فِي المِيساقِ حين يُنيرُ

وَلا شادِنٌ تَرنُو بِهِ أُم​​ شادِنٍ

 

 

شرح​​ الأبيات :

​​ يتحدث الشاعر في الأبيات السابقة عن أصعب المشاعر التي تُراود خاطر الإنسان و هي الغيرة​​ ، و أن ما من شيءٍ يُصبر فؤاده عليها ،​​ و لا من شيءٍ يُضيء عتمته و يجعله يتفاءل​​ ​​ .

نرجسيٌ قوي و شعره جميل ، الأحوص سيدُ الاستفزاز و إشارة استفهامٍ كبيرة في ذلك العصر في رأيكم ، هل كان شخصاً جحوداً أم متمرداً ؟ .

إعداد و تحرير : أريج غانم .​​